عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ (٣٨) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ (٣٩) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ (٤٠) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ (٤١))
البيان : ويبدو في دعوة ابراهيم (ع) الثانية تسليم ابراهيم المطلق الى ربه. والتجاؤه اليه في اخص قلبه فهو يدعوه ان يجنبه عبادة الاصنام هو وبنيه. يستعينه بهذا الدعاء ويستهديه (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي. وَمَنْ عَصانِي) منهم (فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
وفي هذا تبدو سمة ابراهيم (ع) العطوف. فهو لا يطلب الهلاك لمن يعصيه من نسله. ولا يستعجل لهم العذاب .. (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ. وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ) وينتهي المشهد الطويل : مشهد الدعاء الخاشع الضارع. ينتهي بعد ان يخلع على الموقف كله ظلا وديعا. تهفو القلوب معه الى جوار ربه عزوجل وتذكر فيه نعم الله التي لا تحصى.
(وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ (٤٢) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ (٤٣)
وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ (٤٤) وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ (٤٥))
البيان : الرسول ص وآله بعيد عن هذا. ولكن المقصود سواه الذين يرون ان الظالمين يتمتعون ويسمعون بوعيد الله. ثم لا يرون ذلك واقعا بهم في هذه الحياة الدنيا. فهي صيغة تكشف عن الأجل المضروب لأخذهم الاخذة الاخيرة التي لا امهال بعدها. فان الله تعالى سيأخذهم في يوم عصيب تشخص فيه الابصار من شدة الهول