وهكذا يكون الكون بكل ما فيه وبكل من فيه معرضا لآيات الله. تبدع فيه يد القدرة الالوهية والعبودية في جدل ذهني. وتتجلي آثارها في كل مشهد فيه ومنظر. وفي كل صورة فيه. والمشهد الهائل الحافل المعروض هنا لأيادي الله وآلائه. تسير فيه خطوط الريشة المبدعة وفق اتجاه الآلاء بالقياس الى الانسان (وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ. وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها).
انه الاعجاز الذي تتناسق فيه كل لمسة. وكل خط. وكل لون. في مشهد الكون وما حواه. افكل هذا مسخر للانسان. افكل هذا الكون الهائل وما حواه. مسخر لذلك المخلوق الصغير.
(وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ). فقد آتاكم من المال. والذرية. وصحة الابدان. وزينة ـ ومتاعا. هي اكبر واكثر من ان يحصيها العادون والحاسبون. وبعد هذه النعم عليكم. تجعلون لله اندادا. وبعد ذلك كله لا تشكرون نعمة الله.
وحين يستيقظ ضمير الانسان ويتطلع الى الكون من حوله. فاذا هو مسخر له. اما مباشرة واما بموافقة ناموسه لحياة البشر وحوائجهم ويتأمل فيما حوله فاذا هو صديق له برحمة الله. معين بقدرة الله. ذلول بتسخير الله.
حين يستيقظ ضمير الانسان فيتطلع ويتأمل ويتدبر. لا بد ان يرتجف ويخشع ويسجد لله ويشكره. ويتطلع الى ربه المنعم : حين يكون في الشدة ليبدله منها يسرا وعافية.
(وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ (٣٥) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٦) رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (٣٧) رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ وَما يَخْفى