ظَهِيراً (٨٨) وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً (٨٩))
ليس هنالك تحجير على العقل الانساني. ولكن له حدود لا يمكنه ان يتعداها فله ان يعمل ضمن حدوده التي يستطاع له ان يدركها اما ما ليس من مداركه فليس له ذلك لانه لا يملك وسائله.
والروح أمر غيبي خارج عن استطاعة العقل ادراكه فيختص بخالق الروح. الذي يعلم ما خلق ويدرك ما صنع وابدع. وبيده تدبيره وادارته. لقد ابدع الانسان في الارض ما ابدع. ولكنه لم يزل طفل رضيع فيما وراء قدرته فلم يزل واقفا بدون ان يدرك شيئا عن الروح وسرها الغامض لا يدركها الا الخالق الخبير (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ ..)
فاذا كان هذا القرآن المجيد مركب من حروف بين يدي البشر ولكن ركبه خالق البشر بشكل يكون معجزة للبشر فلم يزل المخلوق عاجزا على ان يأتي بمثله مهما تقدم وتفنن واجتهد فما خلقه الله وركبه معجزة للبشر يستحيل على البشر ان يأتوا بمثله مهما تقدموا في غيره.
والقرآن بعد ذلك منهج كامل. ومنهج ملحوظ فيه نواميس الفطرة التي تصرّف النفس البشرية في كل اطوارها واحوالها. ومن ثم فهو يعالج النفس المفردة ويعالج الجماعات بكاملها. ان اعجاز القرآن ابعد مدى من اعجاز نظمه ومعانيه. وعجز الانس والجن عن الاتيان بمثله هو عجز كذلك عن ابداع منهج كمنهجه يحيط بكل حركة وسكنة في الكون وما حواه (ولقد صرفنا في هذا القرآن من كل مثل. فأبى اكثر الناس الا كفورا)
(وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً (٩٠) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً (٩١) أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً (٩٢) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ