البيان : هذا تلخيص مجمل القصة ، ويرسم خطوطها الرئيسية العريضة. فتعرفنا أن أصحاب الكهف كانوا فتية ـ لا نعلم عددهم ـ قد أووا الى الكهف وهم مؤمنون وانه ضرب على آذانهم في الكهف ـ أي ناموا ـ سنين معدودة ـ لا نعلم عددها ـ وانهم بعثوا من رقدتهم الطويلة. وانه كان هناك فريقان يتجادلان في شأنهم ثم لبثوا في الكهف ثم بعثوا أي الفريقين أدق احصاء. وان قصتهم على غرابتها ليست بأعجب آيات الله. وفي صفحات هذا الكون من العجائب والغرائب ما يفوق قصة أصحاب الكهف والرقيم. ثم يبدأ هذا التفصيل للقصة.
(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً (١٣) وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً (١٤) هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْ لا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً (١٥) وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً (١٦))
البيان : هذا هو المشهد الاول من مشاهد القصة (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً) أي ألهمناهم كيف يدبرون أمرهم (هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً) فهذا هو طريق الاعتقاد بحيث يكون للانسان دليل عقلي قاطع يرتكز عليه بنيان دينه وعقيدته. والا فهو كاذب. انما هم فتية تبين لهم الهدى في وسط مجتمع كافر ظالم. فلا حياة لهم في وسط هذا المجتمع. ان هم أعلنوا عقيدتهم وجاهروا بها. ولا يمكنهم أن يداهنوا القوم في دينهم الباطل. فلا سبيل لهم الا ان يقروا بدينهم الى الله. وأن يختاروا الكهف على زينة الدنيا وقد أجمعوا أمرهم هذا.(وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ) : وهنا ينكشف العجب في شأن القلوب المؤمنة. فهؤلاء الفتية الذين يعتزلون قومهم ويهجرون ديارهم