(قالُوا ... فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ). وهم يحذرون أن ينكشف أمرهم ويعرف مخبؤهم. فيأخذهم أصحاب السلطان فيقتلوهم رجما. (إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً) فما يفلح من يرتد عن الايمان الى الكفر. وانها لخسارة كبرى.
وهكذا نشهد الفتية يتناجون فيما بينهم حذرين خائفين ، ولا يدرون ماذا جرى وصار وان أعواما مرت ، وقرونا مضت وهم نيام وان الاحوال تغيرت والحكام تبدلت وهم نيام.
وان أجيالا قد تعاقبت. وان قصة الفتية الذين فروا بدينهم من أهل الطغيان قد تناقلها الخلف عن السلف وان الاقاويل حولهم متعارضة حول عقيدتهم وحول الفترة التي مضت منذ اختفائهم.
وكل ما نفهم حول الحاضر أن أهل المدينة اليوم مؤمنون. فهم شديدوا الحفاوة بالفتية لو انكشف لهم حالهم. وحين ذهب احدهم لشراء الطعام. عرف انه احد الفتية الذين فروا بدينهم منذ الزمن (وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ) : ان العبرة في خاتمة هؤلاء الفتية هي دلالتها على البعث بشكل محسوس ولكن هذا لمن له قلب واحساس روحي تنفعه الدلائل والعبر. (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) وقضى الله تعالى فيهم ارادته فاماتهم حيث أرادوا ذلك فأجابهم.
(فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً) (قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً).
(وَكَذلِكَ بَعَثْناهُمْ لِيَتَساءَلُوا بَيْنَهُمْ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ