شيبا. وهذا دليل آخر على الوهن (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا) : ولا ينسى زكريا أن يصور أمله بان يكون ذلك الوارث رضيا.
(يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (٧) قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (٨) قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً (٩) قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا (١٠) فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (١١))
البيان : فيض الكرم الالهي يغدقه على كل من رضي عليه من عباده. ويجيبه اذا دعاه وطلب منه حاجته. وكأنما أفاق زكريا من غمرة الرغبة وحرارة الرجاء. على هذه الاستجابة القريبة للدعاء. فاذا هو يواجه الواقع .. انه شيخ بلغ من الكبر عتيا. وقد وهن عظمه. وشاب رأسه. وامرأته عاقر لم تلد له في صباها. فكيف ياترى سيكون له غلام واذا يأتيه الجواب عن سؤاله : ان هذا هين على الله سهل (قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ) وليس في الخلق شيء يوصف بالهين والصعب على الله عزوجل فحسبه ان يريد فيكون ما أراد ومع هذا فان لهفة زكريا على الطمأنينة تدفع به ان يطلب آية وعلامة على تحقيق البشرى فأعطاه الله (قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا) (فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا).
(يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (١٢) وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا (١٣) وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا (١٤) وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (١٥))
البيان : لقد ولد يحيى وترعرع وصار صبيا. في الفجوة التي تركها السياق بين المشهدين. ويطوي صفحته ليفتح الصفحة الجديدة على يحيى ويناديه ربه (يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ ..)
وهو يبدأ بهذا النداء العلوي ليحيى قبل أن يتحدث عنه بكلمة ،