لم يكن عن وظيفة العصا في يده انما كان عما في يمينه ولكنه ادرك ان ليس عن ماهيتها يسأل. (قالَ أَلْقِها يا مُوسى). ووقعت المعجزة الخارقة التي تقع في كل لحظة. وقعت معجزة الحياة. فاذا العصا تسعى وكم من ملايين الذرات الميتة او الجامدة كالعصا تتحول في لحظة الى خلية حية. ولكنها لا تبهر الانسان. كما يبهره ان تتحول العصا حية. وقعت المعجزة فدهش لها موسى (ع) وخاف. (قالَ خُذْها وَلا تَخَفْ) : واطمأن موسى والتقط الحية. فاذا هي عصا كما كانت. وصدر الأمر العلوي مرة أخرى. (وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ) (آيَةً أُخْرى) (اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى) والى هنا لم يكن موسى يعلم انه منتدب لهذه المهمة الضخمة وانه ليعرف من هو فرعون فقد ربي في قصره. وشهد طغيانه. وشاهد ما يصبه على مخالفه (قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ... هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي) (قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى)
والى هنا كفاية وفضل من التكريم والعطف. وقد طال التجلي. واجيب السؤال. ولكن فضل الله عزوجل لا خازن له. ورحمته لا ممسك لها. فهو يغمر عبده بمزيد من فضله ويمده بنجاته وهو يذكره بسابق نعمه ليشكره فيزيده (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ).
(وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى (٣٧) إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى (٣٨) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي (٣٩) إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى (٤٠) وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (٤١) اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي (٤٢) اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (٤٣) فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى (٤٤))
البيان : ان موسى (ع) ذاهب لمواجهة اقوى جبروت في الارض واطغى جبار. انه ذاهب لخوض معركة الايمان مع الطغيان. انه ذاهب