الى خضم من الاحداث مع فرعون ثم مع قومه بني اسرائيل. اذهب انت واخوك مزودين بآياتي وقد شهد منها آية العصا. وآية اليد البيضاء (وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي) فهو عدتكما وسلاحكما. وسندكما الذي لا يغلب ولا يقهر. (اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ) وقد حفظتكما من شره قبل وبعد. اذهبا اليه غير يائسين من هدايته. راجين ان يتذكر ويخشى. فالداعية الذي ييأس من اهتداء احد بدعوته لا يبلغها ولا يثبت عليها في وجه الجحود والانكار. وان الله ليعلم ما يكون من فرعون. ولكن الأخذ بالاسباب في الدعوات وغيرها لا بد منه والله يحاسب الناس على ما يقع منهم بعد ان يقع في عملهم. وهو عالم بانه سيكون فعلمه تعالى بمستقبل الحوادث كعلمه بالحاضر والماضي على حد سواء لديه عزوجل.
(قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى (٤٥) قالَ لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى (٤٦) فَأْتِياهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْناكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى (٤٧) إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا أَنَّ الْعَذابَ عَلى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (٤٨) قالَ فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى (٤٩) قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى (٥٠) قالَ فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى (٥١) قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى (٥٢) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى (٥٣) كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى (٥٤) مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى (٥٥) وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها فَكَذَّبَ وَأَبى (٥٦))
البيان : هارون لم يكن مع موسى قطعا في موقف المناجاة الطويل ـ الذي تفضل المنعم فيه على عبده. فأطال فيه النجاء وبسط له في القول. واوسع له في السؤال والجواب ـ وردهما بقولهما : (إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى) لم يكن في موقف المناجاة الاولى وانما كان في موقف آخر. وذلك حين اجتمع موسى وهارون (ع) وقص موسى على هارون كل ما جرى وحصل. وقد أوحى الله عزوجل الى