خلت من اهلها الاول. ويتصور شخوصهم الذاهبة واشباحهم الهاربة. وحركاتهم الساكنة حين يرى الفراغ والخواء منهم. عندئذ يستيقظ للهوة التي تفغر فاها امام عينيه. لتبتلع الحاضرين كما ابتلعت الغابرين. وعندئذ يدرك بالحس يد القدرة الآلهية التي اخذت القرون الاولى. وهي قادرة على ان تأخذ ما يليها. وعندئذ يعي معنى الانذار. ويدرك العبر امامه معروضة للاولى الالباب. فما بال هؤلاء القوم لا يهتدون. وفي مصارع القرون الغابرة لا يعتبرون (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى) (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً). (فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) فاصبر على ما يقولون من كفر واستهزاء وجحود واعراض. ولا يضيق به صدرك فالرضى ثمرة التسبيح والعبادة. اتجه الى ربك واخلص له في عملك فانه الكافي لمن استكفاه. (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ).(زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا) (وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى) وما هي دعوة للزهد في طيبات الحياة. ولكنها دعوة الى الاعتزاز بالقيم الاصيلة الباقية. وبالصلة بالله العلي العظيم. والرضى بقضائه وما يختاره لعباده المخلصين في طاعته. فلا تنهار النفوس على حطام الدنيا فتخسر سعادة الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين والشقاء العظيم. والبلاء الذي لا يزول.
(وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ) .. فاول واجبات الرجل المسلم ان يحوّل بيته الى بيت مسلم .. وان يوجه اهله الى اداء الفريضة التي هي صلة بين الخالق والمخلوق .. وبين العبد ومولاه الذي ان احرز رضاه لا يضره كلما فاته. واذا خسر رضاه. لا ينفع جميع ما في الوجود (فالى الله يرجع الامر كله) (وَاصْطَبِرْ عَلَيْها) أي على اقامتها وشروطها حتى تكون سببا للنهي عن كل منكر وفحشاء (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ