ويستحيل ان يشعر القلب بطمأنينة الاستقرار الا في رحاب القوي الغني الذي لا يغلب ولا يفتقر. وهو الخالق القهار. ولا يحس القلب براحة الثقة الا وهو مستمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها. ان طمأنينة الايمان تضاعف الحياة طولا وعرضا. والحرمان منه شقاء وبلاء. (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي ...) فقد انقطع عني. واتصل بغيري (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) وهنا الفقر والاحتياج للأسافل والاشرار. وهنا الشقاء والبلاء الذي لا علاج له ولا دواء.
ولقد اسرف من أعرض عن ذكر خالقه العظيم. الغني الكريم.أسرف لأنه ترك الهدى الذي منحه الله اياه. وهو انفس ثروة وانفع ذخر. وقد اسرف حيث استعمل بصره في غير ما خلق له. فلم يبصر من آثار خالقه وآياته العظمى شيئا. فلذا الزمه ان يعيش معيشة ضنكا ويحشره الله اعمى.
(أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى (١٢٨) وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى (١٢٩) فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى (١٣٠) وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى (١٣١))
(وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى (١٣٢) وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى (١٣٣)
وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَى (١٣٤) قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى (١٣٥))
البيان : وحين تجول العين والقلب في مصارع القرون. وحين تطالع العين آثارهم ومساكنهم عن كثب. وحين يتملّ الخيال الدور وقد