ومع هذا الاعلان الذي دوت له السموات والارضون. وشهده الملائكة اجمعون شاءت العناية الآلهية ان يرسل الله عزوجل لعباده رسله بالهدى ودين الحق اكمالا للنعمة واتماما للحجة. فاعلن لهم يوم أعلن الخصومة الكبرى بين آدم وأبليس. انه آتيهم بهدى منه (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى) : يجيء هذا المشهد بعد القصة كأنه جزء منها. فقد اعلن عنه في ختامها في الملأ الأعلى فذلك امر قضى منذ بعيد (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى). فهو في امان من الضلال والشقاء باتباع الهدى الذي انزله الله. فالويل لمن يدّعي الايمان بالله وهو يظهر الفقر والاحتياج للاطباء. والزعماء والاغنياء. فكيف بمن يدعي العلم والاجتهاد ويذهبون الى لندن للمداواة والاستشفاء اين هم عن هذا الاعلان لقد كذبوا بادعائهم الايمان واتباع هدى الله عزوجل الذي من اتبعه فلا يضل ولا يشقى.
وما يضل انسان عن هدى الله الا ويتخبط في القلق والحيرة والضلال. والخوف والبلاء والشقاء الذي هو قرينه اينما كان ما دام منحرفا عن هدى الله. ولو كان في المرتع ثم الشقوة الكبرى في دار الخلود والبقاء. ومن اتبع هدى الله فهو في منجا من الضلال والشقاء والفقر والبلاء والاعداء ثم يقفز الى جنة الفردوس ونعيم لا يزول (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ). (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) فهي الحياة المقطوعة الصلة عن مصدر الخير والسعادة والرحمة الواسعة. انه في ضنك مهما يكن فيها من سعة متاع. انه ضنك الانقطاع عن الاتصال بالخالق العظيم. والاطمئنان الى حماه. وحراسته وكفالته وشفايته من كل عناء وضنك الحيرة والقلق. ضنك الحرص والحذر. الحرص على ما في يده. والحذر من الفوت والذهاب ضنك الجرى وراء بارق المطامع والحسرة على كل ما فات.