بَصِيراً (١٢٥) قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى (١٢٦) وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقى (١٢٧))
البيان : كانت هذه رعاية من الله عزوجل. وعنايته ان ينبه آدم (ع) من عدوه. ويحذره (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى) فهذا كله مضمون ما دمت في رحاب الجنة.
ولكن آدم غفل وهو يحمل الضعف البشري اتجاه الرغبة في البقاء والرغبة في السلطان ومن هذه الثغرة نفذ اليه الشيطان. (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ) .. لقد لمس في نفسه موضع الضعف .. فالعمر البشري محدود والقوة محدودة من هنا يتطلع الى الحياة الطويلة والى الملك الطويل. ومن هاتين النافذتين يدخل عليه الشيطان (فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما)
والظاهر ان العورتين منهما قد بدتا وانكشفتا. فأخذ يسترانهما بورق الجنة والسبب في نزع ثياب الجنة عنهما واخراجهما منها لعدم لياقتهما بعد في البقاء فيها لانها مطهرة والاكل من الشجرة يستدعي البروز الذي هو خروج نجس لا يليق بابرازه في الجنة المطهرة. ثم ادركت آدم وزوجه الرحمة من الله الرؤف الرحيم (ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ). وذلك بعد ما استفاق آدم من غفلته وتحقق عصيانه فاسرع الى الندم والتوبة الى الله الغفور الرحيم ونظر الى انوار محمد وآله (ع) في ساق العرش فتوسل بهم الى ربه فتاب عليه (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) ٢ س ٣٧ ي
ثم صدر الامر الى الخصمين اللدودين ان يهبطا الى الارض ساحة المعركة بعد الجولة الاولى (قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) وبذلك أعلنت الخصومة في الثقلين. فلم يعد عذر لآدم (ع) وبنيه من بعده. ان يقول احد منهم انما اخذت على غرة. ومن حيث لا ادري فقد ظهر الامر جليا وتمت الحجة بأوضح بيان. واعلن هذا الامر العلوي (بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ).