يعرفونه مما يدخره الخالق العظيم لعباده المؤمنين المتقين. فمن هم المؤمنون الذين ـ كفلهم الله وعافاهم ـ وحرسهم من كل خوف ومكروه كتب الله لهم هذه الوثيقة المؤكدة .. ووعدهم هذا الوعد المحتوم. وأعلن عن فلاحهم ونجاحهم هذا الاعلان الهائل. من هم المؤمنون المكتوب لهم الخير والنصر والعافية. والسعادة والتوفيق. والمتاع الطيب في هذه الدنيا وفي الآخرة. والمكتوب لهم الفوز والنجاة والثواب والرضوان في دار الخلود.
من هم المؤمنون. الوارثون. الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون : انهم الذين هم في صلاتهم خاشعون. والذين هم عن اللغو معرضون. والذين هم للزكاة فاعلون. والذين هم لفروجهم حافظون. والذين هم لأمانتهم وعهدهم راعون. والذين هم لفروجهم حافظون. ـ فما قيمة هذه الصفات ـ قيمتها انها ترسم شخصية المسلم الصحيح في افقها الاعلى. افق محمد وآله محمد ص وآله رسول الله. وخير خلق الله. الذي ادبه ربه فأحسن أدبه. والذي شهد له في كتابه بعظمة اخلاقه. (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) تستشعر قلوبهم رهبة الموقف في الصلاة بين يدي الله فتسكن وتخشع. فيسري الخشوع منها الى الجوارح والملامح والحركات ويغشي ارواحهم جلال الله في حضرته. فتختفي من اذهانهم جميع الشواغل. ولا تشتغل بسواه. فلا يشهدون الا الله. ولا يحسّون الا اياه. ولا يتذوقون الا لذة مناجاته ونفحات قدسه.
(وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) لغو القول. ولغو الفعل. ولغو الاهتمام والشعور. ان القلب المؤمن ما يشغله عن اللغو واللهو والهذر. له ما لا يشغله عن ذكر الله الذي يجلى القلوب ويضيىء البصائر. ويحيى الافئدة. ويقمع الشهوات وينفي الهوى وما يشغل عن زخارف الدنيا.