وكل مشهد من مشاهد الكون يستغرق الالباب. ويشغل الافكار ويحرك الوجدان وله ما لا يشغله من تقوية العقيدة. وتطهير القلب. ونزكية النفس وتنقية الضمير ومكافحة الشهوات ومحاولة الثبات على الصراط المستقيم. والمرتقى العالي الذي يتطلبه الايمان الطموح وفي ذلك الكفاية لاستغراق الجهد البشري. والعمر المحتوم المحدود.
(وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ) بعد اقبالهم على الله. وانصرافهم عن اللغو في الحياة. والزكاة طهارة للقلب وحصانة للمال. وانتصار على وسوسة الشيطان. ونفي للحاجة والفقر. وبرهان للوثوق بما وعد الله من الخلف والعوض كما في الحديث : (من أيقن بالعوض جاد في العطية). والزكاة تأمين اجتماعي للافراد وسلاح للجماعة. وانشاء للمشاريع العامة الخيرية والعمرانية. (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ) وهذه طهارة الروح والأسر والجماعة. ووقاية للنفس من الانزلاق. وحفظ القلوب من التطلع الى غير الحلال. وحفظ الجماعة من انطلاق الشهوات فيها بغير حساب. (فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ) وراء الاتصال الحلال من زوجات وملك اليمين. (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ) والامانات كثيرة في عنق الفرد والجماعة. وفي اولها امانة الفطرة وهي الايمان بالخالق العظيم والالتزام بطاعته العامة بدون ادنى تفريط وانحراف. والمؤمنون يرعون الامانة الكبرى. فلا يدعون فطرتهم تنحرف عن استقامتها. فتظل قائمة بامانتها. شاهدة بوجود خالقها ووحدانيته. ثم يلتزمون باداء سائر الامانات تبعا لتلك الامانة (وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ) فلا يتكاسلون عنها ولا عن ادائها في اول وقتها واهتماما بشأنها والصلاة صلة بين العبد ومولاه. وبين القلب وخالقه. ولقد بدأت صفات المؤمنين بالصلاة. وختمت بالصلاة للدلالة على عظيم مكانتها في بناء الايمان الصحيح وتثبيته. بوصفها