القرآن كلام الله ويجب التصديق به ومن انكر ذلك لزمه ان يقر لمحمد الذي أتى بهذا القول في وقت كانت المعالم عن مثل هذه الكشفيات معدومة انه فوق مستوى البشر حتى في القرن العشرين وما بعده الى آخر الدهر. ولكن هيهات أنى للمخلوقات القدرة على ذلك (ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ ..) لقد نشأ الجنس الانساني من سلالة من طين. فاتكرار افراده بعد ذلك وتكاثرهم فقد جرت سنة الله ان يكون عن طريق نقطة مائية تخرج من صلب رجل فتسنقر في رحم امرأة. نقطة مائية واحدة. لا بل خلية واحدة من عشرات الآلاف من الخلايا الكامنة في تلك النطفة المندفقة من صلب الرجل تستقر (فِي قَرارٍ مَكِينٍ) ثابتة في الرحم الغائرة بين عظام الحوض وتنتقل من نطفة الى علقة. ومن علقة الى مضغة. وتمضي هذه الخليقة في ذلك الخط الثابت لا تنحرف ولا تميل (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) هذا هو الانسان ذو الخصائص المتميزة. فجنين الانسان يشبه جنين الحيوان في اطواره الجسدية ... ان الجنين الانساني مزود بخصائص معينة هي التي سلك به طريقه الانساني فيما بعد. (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ).
وليس هناك من يخلق سوى الله عزوجل : الذي اودع فطرة الانسان تلك القدرة على السير في هذه الاطوار وفق السنة التي لا تتبدل ولا تنحرف ولا تتخلف. حتى يبلغ الانسان مراتب الكمال. ان الناس ليقفون دهشين امام ما يسمونه (معجزات العلم) حين يصنع الانسان جهازا في مراحله يتبع طريقا خاصا في تحركه. دون تدخل مباشر من انسان. فأين هذا من سير الجنين في مراحله تلك واطواره وتحولاته. وبين كل مرحلة ومرحلة فوارق هائلة في طبيعتها وتحولات كاملة في ماهيتها. غير ان البشر يمرون على هذه الخوارق مغمضي العيون. والقلوب. لأن اطوار الألفة أنساهم امرها الخارق العجيب. ان مجرد التفكير في هذه الحقيقة التي تتكرر كل لحظة لكاف وحده ان يفتح