(لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ) لقد عظم شأنهم في نظر أنفسهم حتى شغلهم عن الحقيقة ووزنها الرفيع. ثم يسخر السياق منهم (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ) يوم يتحقق اقتراحهم الذي اقترحوه (فيرون الملائكة) يومئذ يأتيهم العذاب ولا يبقى هناك موضوع للبشرى الا بالعذاب. (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) هكذا في كل لحظة. والخيال يتبع حركة القدوم.
فاذا كل ما عملوا في الدنيا من عمل صالح هباء. لانه لم يقم على ايمان صحيح وعقيدة صالحة ، التي بها تقبل الاعمال ويترشح النور من خالق الوجود الى قلب المخلوق.
ان وجود الانسان وحياته وعمله في نظر الاسلام موصولة كلها بأصل الكون ومن أوجده. برسم وتخطيط وضبط وقصد. فلا وجود للصدفة العمياء. ولا للخبط العشواء. والعقيدة الصالحة والعمل الصحيح هو الذي يوصل المخلوق بخالقه حتى يفيض عليه من نور هدايته والايمان الصحيح هو الذي يصل الانسان بربه فيجعل لعمله قيمة ووزنا (والا كان هباء منثورا) والايقاع الممدود يزيد الموقف هولا. ويزيد أثره عمقا. حتى ليكاد القارىء والسامع يشتركان في الندم (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ) فلا يكفيه الاسى والتحسر والزفرات حتى يأخذه الهول فيعض على يديه معا. لشدة ما يعانيه من الالم والهول اللاذع. وهي حركة معهودة عند شدة الالام والزفرات.
(يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً) فسلكت سبيله واتبعت وصيته في خليفته الذي نصبه لنا يوم (غدير خم) على رؤوس الاشهاد وأخذ منا البيعة له من الخالق الذي ألزمه بهذه البيعة لخليفته وابن عمه علي بن ابي طالب (ع) فأنزل عليه الزاما لا يمكنه اهماله او تأخره طرفة