عين فقال عزوجل في الزامه بدون أدنى هوادة. وهدده بالانتقام اذا هو تأخر لحظة واحدة :
(يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ. وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ ...)
(يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً) ولذا كان يقول الاول عن الثاني كان يردد هذه المقالة. بعد جلوسه على منبر الخلافة (لي شيطان يعتريني. فاذا ملت فقوموني ...)
وهذه الآية وان كانت نزلت في الاول والثاني. الا انها لا تتقيد بهما فهي تشمل كل من اتبع غيره على الضلال والباطل وترك الهدى والحق بعد ما تبين له الامر جليا بدون خفاء. ولكن أطاع غيره واتبع هواه فكان عاقبتهما خسرا. وقد تحملا أوزار العباد الى يوم المعاد في كل ضلال وفساد. (لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي) لقد كان له شيطان يضله. أو كان هو عونا للشيطان في اضلال الناس. (وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً) يقوده الى مواقف الخذلان ويخذلهما عند الجد وفي مواقف الخوف والهول. كما فعلا في أحد. وخيبر. وحنين. والاحزاب. فالخزي لهما اذ كانا في السلم يزاحمان رسول الله في مجلسه. وفي الحرب يزاحمان الهاربين من القتال حتى يسبقا جميع الناس وهذه هي علامة النفاق وفعل المنافقين في كل عصر ومصر والحساب أمامهما.
وهكذا راح القرآن يهز قلوب الغافلين حتى لا ينخدعوا في تضليل المنافقين والمجرمين. ويجسم لهم ما حصل مع الاولين حتى يكون عبرة للاخرين. ويريهم واقعا مشهودا لأولي الالباب : (وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) لقد هجروا القرآن منذ توفى رسول الله ص وآله وصار على ذلك من أتى بعدهم. ولذا ترى جميع