أنها هذه الفترة المحدودة بحدود هذه الحياة الدنيا الصغيرة ، لا يمكن ان ينشىء امة هذه صفتها.
ان العقيدة في الاخرة فسحة في التصور وسعة في النفس وامتداد في الحياة ضروري في تكوين النفس البشرية ذاتها ، لتصلح أن تناط بها تلك الوظيفة الكبيرة. كذلك هي ضرورية لضبط النفس عن شهواتها ومطامعها التي دائما وأبدا تدعو الى الافراط أو التفريط.
والاعتقاد في الاخرة مفرق طريق بين فسحة الرؤية والتصور في نفس الانسان ، وضيق الرؤية ، كذلك كله كان التوكيد شديدا ، في عقيدة الاخرة في دين الله كله (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ)
ان الساعة غيب من الغيب الذي استأثر الله بعلمه فلم يطلع عليه أحد من خلقه. ولكن المشركين يسألون الرسول ص وآله عنها (قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي).
ثم يعجب من هؤلاء الذين يسألون الرسول ص وآله ، عن الساعة انهم لا يدركون طبيعة الرسالة وحقيقة الرسول ولا يعرفون حقيقة الالوهية ، (يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها). (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا). وبهذا الاعلان تتم لعقيدة التوحيد الاسلامية كل خصائص التجريد المطلق. من الشرك في أية صورة من صوره ، وتنفرد الذات الالهية بخصائص لا يشركها البشر في شيء منها ، ولو كان هذا البشر أشرف خلق الله كمحمد ص وآله :
(إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) والذين يؤمنون ـ يعني يريدون الايمان والحق ـ هم الذين يحققون وينظرون وتفيدهم الادلة والبراهين فتتجلى لديهم الحقائق فيأخذون بها ولا يبالون بكثرة أو قلة انما همهم الحق واتباعه أينما تحقق لديهم لا غير.