وان في القرآن المجيد من الحق الفطري البسيط. لما يصل الى القلب مباشرة بالنبع الأصيل. فيصعب ان يقف لهذا النبع الفوار. او أن يصد عنه تدفق التيار. وان فيه من مشاهد الكون الناطقة. ومن مصارع الغابرين. ومن قوة التشخيص. لما يهز القلوب الحية هزا لا تملك معه قرارا. وان السورة الواحدة تهز الكيان الانساني. في بعض الاحيان. وتأخذ على الانفس اقطارها. فلا عجب مع ذلك أن يأمر الله نبيه ان لا يطيع الكافرين. ولا يتزحزح عن دعوته. وان يجاهدهم بهذا القرآن. فانما يجاهدهم بقوة لا يقف لها كيان البشر. ولا يثبت لها جدال الباطل المزيف. (وهو الذي مرج البحرين هذا عذاب فرات. وهذا ملح أجاج). وهو الذي ترك البحرين. الفرات العذب والمالح المر. يجريان ويلتقيان. فلا يختلطان. ولا يمتزجان. انما يكون بينهما برزخ وحاجز. من طبيعتهما التي فطرها الله. فمجاري الانهار غالبا أعلى من سطح البحر. ومن ثم فالنهر العذب هو الذي يصب في البحر المالح. ولا يقع العكس الا شذوذا. وبهذا التقدير الدقيق لا يطغى البحر على النهر الذي منه الحياة.
ويد الخالق العظيم. هي التي تدبر هذا الكون. وتنسق مقاديره ، وتجعل بين البحر حاجزا. (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً. فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً). فمن هذا المال يتخلق الجنين. ذكرا فهو نسب. وانثى فهو صهر. بما انها موضع للصهر. وهذه الحياة البشرية الناشئة من هذا الماء أعجب وأضخم من تلك الحياة الناشئة. من ماء السماء. فمن خلية واحدة (من عشرات الالوف الكامنة في نقطة واحدة من ماء الرجل) تتحد بويضة المرأة في الرحم. ينشأ ذلك الخلق المعقد المركب .. الانسان .. أعجب الكائنات الحية على الاطلاق. فما من خلية من الاف