وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً (٦٤) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً (٦٥) إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً (٦٦) وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً (٦٧) وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً (٦٨) يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً (٦٩) إِلاَّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٧٠))
البيان : (تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً) البروج ـ على الارجح ـ منازل الكواكب السيارة ومداراتها الفلكية الهائله. وفي هذه البروج تنزل الشمس ويسميها (سِراجاً) لما تبعث به من ضوء الى الارض وغيرها. وفيها القمر المنير الذي يبعث بنوره الهادىء اللطيف.
ويعرض أيضا مشهد الليل والنهار وتعاقبهما. وهما آيتان مكرورتان ينساهما الناس وفيهما كفاية (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً) ولو لا جعلهما كذلك يتعاقبان. ما أمكنت الحياة على ظهر هذه الارض (وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) هذه هي السمة الاولى من سمات عباد الرحمن : انهم يمشون على الارض هونا مشية التواضع والرزانة مشية العبيد الخاشعين بين يدي مولاهم العظيم ذي الجلال. مشية ليس فيها خيلاء ولا تكبر وتجبر. بل الوقار والسكينة. يمشون متعاونين متكافلين. لا يلتفتون الى حماقة الحمقى وسفه السفهاء (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا : سَلاماً) لا عن ضعف ولكن عن ترفع. ولا عن عجز بل عن استعلاء. هذا نهارهم مع الناس فاما ليلهم فهو التقوى ومراقبة خالقهم ومولاهم. (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً).
والتعبير يبرز من الصلاة والسجود والقيام. لتصوير حركة عباد الرحمن. في جنح الليل والناس نيام. فأهل الدنيا مشغولون في لهوهم وملذاتهم. واهل الاخرة مشغولون بالتوجه الى ربهم وخالقهم.