أنزل القرآن وبين لهم الحقائق وترك لهم الخيار. بين الطاعة والعصيان. واختيار الجنة. أو النار.
والقرآن معجزة العصور والاجيال. من جهات شتى. معجزة من جهة التعبير والبيان. ومعجزة من جهة التفكير والتنسيق. ومعجزة في يسر مداخله الى القلوب والنفوس. ولمس مفاتيحها.
لقد شاء الله عزوجل : أن يجعل هذا القرآن هو معجزة هذه الرسالة ـ ولم يشأ أن ينزل آية قاهرة تلوي لها الاعناق وتضطرهم الى التسليم. ولكن هذه الرسالة هي مفتوحة للاجيال والزمان.
(وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ) يذكر اسم الرحمان هنا للاشارة الى عظيم رحمته ، بتنزيل هذا الذكر. حيث يبدوا اعراضهم عنه مستقبحا كريها. وهم عنه معرضون ..
(فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبؤُا ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) وهو تهديد مضمر مهول. وفي التعبير سخرية تناسب استهزائهم بالوعيد (فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبؤُا ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) أي فنستهزىء بهم مع التهديد المرهوب.
(أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ) كما أنبتنا فيها من كل زوج كريم) ومعجزة اخراج النبات الحي من الارض وجعله زوجا ذكرا وانثى. هذه المعجزة تتكرر في الارض حولهم كل لحظة. والامر لا يحتاج الى اكثر من الرؤية.
والمنهج القرآني في التربية يربط بين القلب ومشاهدة هذا الكون. وينبه الحس الجامد. والقلب المغلق الى بدائع صنع الله المبثوثة حول الانسان في كل مكان. كي يرتاد هذا الكون الحي بقلب حي. فيشاهد بدائع صنعه. ويشعر به كلما وقعت عينه على بدائعه. ويشعر انه هو واحد من عباده. متصل بمخلوقاته. مرتبط بالنواميس التي تحكم الجميع على حد سواء.