البيان : الروح الأمين جبرائيل (ع) نزل بهذا القرآن المجيد من عند الخالق العظيم. على قلب سيد المرسلين ص وآله وسلّم. وهو أمين على ما نزل به. حفيظ عليه نزل به على قلبه فتلقاه تلقيا مباشرا ووعاه وعيا مباشرا. نزل به على قلبه ليكون من المنذرين بلسان عربي مبين. هو لسان قومه. الذي يدعوهم اليه. ويتلو عليهم هذا القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد). وهم يعرفون جيدا. مدى ما يملك البشر ان يقولوا ويدركون ان هذا القرآن يستحيل ان يأتي به بشري. وانه بنظمه ومعانيه وبمنهجه وبتناسقه يشي بأنه آت من مصدر غير بشري بيقين. (وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ. أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ) فقد وردت صفة النبي ص وآله. الذي ينزل عليه القرآن كما وردت العقيدة التي جاء بها في كتب الأولين.
ومن ثم كان علماء بني أسرائيل يتوقعون هذه الرسالة. وينتظرون هذا الرسول ويحسون ان زمانه قد اظلهم ويحدث بعضهم بعضا بهذا كما وردت على لسان سلمان الفارسي. ولسان عبد الله بن سلام والاخبار في هذا ثابتة كذلك بيقين.
انما يكابر المشركون ويعاندون لمجرد المكابرة والعناد. لا لضعف الحجة ولا لقصور الدليل. فلو جاءهم به اعجمي لا ينطق العربية فتلاه عليهم قرآنا عربيا ما آمنوا به. ولا صدقوه. ولا اعترفوا انه موحى به اليه. حتى مع هذا الدليل الذي يجبه المكابرين.
(وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ. فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ) وفي هذا تسلية عن رسول الله ص وآله وتصوير لعنادهم ومكابرتهم في كل دليل (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ) ولقد أخذ الله على البشر عهد الفطرة ان يوحدوه ويعبدوه. والفطرة بذاتها تحس بوجود الخالق الواحد ما لم تفسد وتنحرف.