البيان : السموات والارض حقيقة قائمة. لا يملك أحد انكار وجودها. ولا يملك كذلك ان يدعى ان هذه الالهة المدعاة خلقتها. وهي أصنام وأحجار مفتقرة الى من أوجدها أو صنعها. والماء النازل من السماء حقيقة كذلك مشهودة يستحيل انكارها. ويتعذر تعليلها بغير الاقرار بخالقها ومدبرها. الذي فطر السموات والارض وأوجد الحياة والجماد.
والقرآن المجيد يوجه القلوب والابصار والبصائر الى الاثار التي هي أكبر دليل على مؤثرها العظيم وصانعها الحكيم القدير. (فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ).
حدائق بهيجة ناضرة حية جميلة مفرحة. ومنظر الحدائق يبعث في القلب البهجة والنشاط. وعند ما يصل في هذه الوقفة امام الحياة النامية في الحدائق البهجة الى اثارة التطلع والانتباه وتحريك التأمل والتفكير يهجم عليهم بالاستفهام والانكار (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ)
ولا مجال لمثل هذا الادعاء. ولا مفر من الاقرار والاذعان. وعندئذ يبدو موقف القوم عجيبا. وهم يسوون الهتهم المدعاة ، بالله العلي العظيم. فيعبدونها عبادة الله (بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) (أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً. وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً ..) لقد كانت الحقيقة الكونية الاولى هي حقيقة خلق السموات والارض. أما هذه فهي الهيئة التي خلق عليها الارض. لقد جعلها قرارا للحياة.
وربما أن المخاطبين اذ ذاك لم يكونوا يدركون من قوله تعالى :(أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً). كل ما أدركه المتأخرون في عصرنا الحاضر من عجائب وغرائب. وكلما اتسع علم البشر أدركوا شيئا آخر. (وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ) وهي الجبال. وهي ثابتة مستقرة على