الارض (وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً) البحر المالح الاجاج. والنهر العذب الفرات. وسماها بحرين على سبيل التغليب. وهذا من سنن الله فمن فعل هذا كله غير الله (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) وما يملك أحد أن يدعى هذه الدعوى. ووحدة التصميم أمامه تجبره على الاعتراف بوحدة الخالق العظيم. (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ). (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ...) هنا يلمس وجدانهم وهو يذكّرهم بخوالج نفوسهم. وواقع أحوالهم. فالمضطر في لحظات الكربة والضيق. لا يجد له ملجأ الا الله يدعوه ليكشف عنه الضر والسوء. ذلك حين تضيق الحلقة. وتشتد الخنقة. وتتخاذل القوى. وتتهادى الاسناد. وتنقطع أسباب الخلاص والنجاة. حينئذ يضطر الانسان الى التوجه الى قوة خالقة لتنقضه. والناس يغفلون عن هذه الحقيقة في ساعات الرخاء. فاما حين تلجئهم الشدة ويضطرهم الكرب. فحينئذ تزول عن فطرتهم غشاوة الغفلة. ويرجعون الى خالقهم العظيم منيبين اليه بدون اختيار.
والقرآن يذكر المكابرين الجاحدين الى هذه الحقيقة الكامنة في فطرتهم. ويسوقها اليهم في مجال الحقائق الكونية. التي ساقها من قبل. حقائق خلق السموات والارض. وانزال الماء من السماء.(وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ) فمن يجعل الناس خلفاء الارض. أليس هو الذي استخلف جنسهم قرنا بعد قرن. وجيلا بعد جيل. انها حقائق في الانفس فمن الذي حقق وجودها (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) انهم لينسون ويغفلون. وهذه الحقائق كامنة في أعماق النفوس. مشهودة (قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) ولو لا تذكر الانسان وتدبر مثل هذه الحقائق لبقي موصولا بالله صلة الفطرة الاولى. ولما غفل الانسان عن ربه ، وجعل