وهذا هو الوعد الذي تلقته ام موسى حين امرت ان تلقاه في اليم يأخذه عدوه فيربيه رغم أنفه ويبذل في تربيته المال الجزيل من خزانته لأمه وهو الذي بذل فرعون قتل عشرين الف طفل حتى لا يولد من اخبر المنجمون أن زوال حياته تكون على يده. وهل لأمر الله مرد. وهنا يتذكر موسى (ع) انه قتل منهم نفسا. وانه خرج من بينهم طريدا. وانهم تآمروا على قتله. (قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) يقولها لا ليعتذر ولا ليتقاعس. ولا لينكس. بل ليحتاط لدعوته في نجاحها. وليزداد معرفة من خالقه في كيفية التصرف معهم. (وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي ..) فأراد تقوية دعوته بأخيه ويمكنه القيام بعده بتتميم الدعوة أن أصابه ما يمنعه من ذلك. أو أذا حصل له القتل منهم. (قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ ..) لقد استجاب ربه رجاءه فهما معا يذهبان الى فرعون مزودان بقوة لا تغلب ولا تقهر (وهي قوة الخالق العظيم) وزادهما عزوجل : بأن الغلبة لهما على فرعون وملئه (بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ) فالقدرة الالهية تتجلى سافرة على مسرح الحوادث. وتؤدي دورها مكشوفا. هنا الايمان يظهر والثقة تبرز آثارها. (فَلَمَّا جاءَهُمْ مُوسى بِآياتِنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرىً ..) وكأنما هي ذات القولة التي يقولها المشركون لنبينا محمد ص وآله في مكة المكرمة. (ما هذا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرىً) فهي سلاح الطغاة في كل زمان ومكان عند مكافحة الحق والعدل لطغيانهم وضلالهم واستبدادهم على الضعفاء. (وَقالَ مُوسى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جاءَ بِالْهُدى مِنْ عِنْدِهِ. وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ). وهو رد مؤدب مهذب يلمح فيه ولا يصرح. وفي الوقت ذاته مليىء بالثقة الى عاقبة المواجهة وان الغلبة ستكون للحق على الباطل وللهدى على الضلال وللاصلاح على الفساد.