الابد. وذلك هو الفوز العظيم. (قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي) يعني انه بحسن تدبيره ومهارته حصل هذا المال والله ليس له دخل في حصوله.
انها قوة للمغرور المطموس الذي ينسى مصدر الرزق والعطاء ، ويفتنه المال والجاه. وهذا كاد أن يكون ملازما لأكثر من يحصل لديه المال الكثير. والجاه الواسع. فكم من الناس يظن ويخدعه الغرور بأن علمه ومهارته اوصله الى ما حصل له من هذا المال. ومن ثم فهو الذي ينفق ويمسك ويعطي ويمنع فالأمر اليه وليس لأحد دخل في كل ما له وما عليه.
والاسلام يعترف بالملكية الفردية. ويقدر الجهد الفردي في بذل تحصيله من وجوه الحلال. ولكنه في الوقت ذاته يفرض منهجا معينا للتصرف في الملكية الفردية. وهو منهج متوازن متعادل. فلا يحرم الفرد ثمرة جهده. ولا يطلق يده في الاستمتاع بما يخرجه الى الافراط. او التفريط.
كما أنه يفرض للجماعة حقوقها في هذا المال. ورقابتها على طرق تحصيله. وطرق انفاقه. ولكن ، الباغي لم يستمع لنداء قومه. ولم يشعر بنعمة خالقه. ولم يخضع لمنهجه العادل. وقد أعرض عن ذلك كله مع الاستكبار اللئيم. والبطر المذموم. ومن ثم جاءه التهديد الالهي :
(أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً. وَأَكْثَرُ جَمْعاً). فان كان ذا قوة وذا مال. فقد أهلك الله من قبله أجيالا كانت أشد منه قوة واكثر مالا. (فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ...) فوقفت طائفة منهم أمام فتنة الحياة الدنيا. وتمنت ما عليه قارون من زينة الحياة الفانية الزائلة.