أما المتصلون بالله والعارفون بعظمته وجلاله. فلهم ميزان آخر بقيم الحياة. التي لا تزول وليس لها مثيل في هذا الوجود. (وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً).
وعند ما تبلغ زينة الدنيا ذروتها ويسكر أربابها ببهجتها يأتي القضاء من القدرة الالهية (فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ. فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ).
هكذا في جملة قصيرة. وفي لمحة خاطفة. ذهب قارون وغاب عن الوجود كما ذهب من قبل ـ عن قريب ـ فرعون الذي كانت الاتباع تسجد له طوعا أو كرها. وغاب مال قارون مع داره الذي كان يسكنه ومع البيوت التي كانت تخزن فيها الاموال التي كانت مفاتيحها تعجز عن حملها العصبة القوية. (وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ) (وكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء .. لو لا ان من الله علينا لخسف بنا) مع قارون وماله وداره في لحظة واحدة كأنه لم يكن وقفوا يحمدون الله تعالى الذي لم يعاجلهم مقابل ما قالوا وما تمنوا وما استحسنوا من فعل قارون وزينته. ورجعوا الى خالقهم يشكرونه على عدم مواخذتهم بما قالوا وما تمنوا.
(تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (٨٣) مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٨٤) إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (٨٥) وَمَا كُنتَ تَرْجُو أَن يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِّلْكَافِرِينَ (٨٦) وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٨٧) وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٨))
البيان : ويسدل الستار على هذا المشهد. وقد انتصرت