ولقد قال المشركون لحلفائهم الذين أرادوا أن يمدوهم وهم ذاهبون لقتال المسلمين :
(فلعمري لئن كنا انما نقاتل الناس فما بنا من ضعف أو قلة ، ولئن كنا انما نقاتل الله ـ كما يزعم محمد ـ فما لأحد بالله من طاقة)
ان وقوع المعركة بين جند الحق وجند الباطل واستعلاء سلطان الحق في عالم الواقع ـ بعد استعلائه في عالم الضمير ، ان هذا كله مما يعين على جلاء الحق للعيون والقلوب.
(وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) فهو سبحانه لا يخفى عليه شيء مما يقول فريق الحق أو فريق الباطل ولا شيء مما يخفونه في صدورهم من وراء الاقوال والافعال.
(وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) ، وهو التعقيب المناسب للمحقق المتدبر ووقوع القضاء فهو أمر من الامور التي مرجعها لله وحده ، يصرفها بسلطانه ، ويوقعها بارادته ، ولا تند عن قدرته وحكمته ، ولا ينفد شيء في الوجود الا ما قضاه وأجرى به قدره.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٤٥) وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (٤٦) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَرِئاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَاللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (٤٧)
وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللهَ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ (٤٨))
البيان : في هذه الفقرات القليلة تحتشد معان وايحاءات وقواعد وتوجيهات وصور ومشاهد وتشخص مواقف من المعركة كأنها حية واقعة.
انها تبدأ بنداء الذين آمنوا ، العصبة المؤمنة ، (وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ