مَعَ الصَّابِرِينَ). وهذه المعية من الله هي الضمان للصابرين بالفوز والغلبة والفلاح سواء قتلوا أو قتلوا (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ) ، أي واذكروا ايها المؤمنون : اذ زين الشيطان لهؤلاء المشركين أعمالهم بوسوسته وقال لهم : لا غالب لكم ، فلما قرب الفريقان للقتال نكص وتولى الى الوراء ، ولم يبق مكان للمشركين ان يتراجعوا فوقعوا باغراء الشيطان وتحقق لهم ان الشيطان قد خدعهم ، وكان المشركون هم الذين خرجوا من ديارهم بطرا وراء الناس ويصدون عن سبيل الله ويشجعهم على الخروج الشيطان ثم يتركهم ويتقهقر.
(إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٤٩) وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (٥٠) ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (٥١))
البيان : المنافقون والذين في قلوبهم مرض ، هم مجموعة من الذين مالوا الى الاسلام في مكة في أول الامر لاغراض دنيوية ، وأولهم أهل السقيفة الذين تركوا نبيهم مسجى على فراشه وسارعوا لعقد الخلافة والرياسة التي كان دخولهم في الاسلام لأجلها لا غير.
وكان رسول الله ص وآله يعرفهم حق المعرفة ولذا عبأهم تحت رياسة الشاب الجاهل (اسامة ابن زيد) وأراد ابعادهم عن المدينة ليأمن شرهم وفسادهم فعصوا أمره ولم يخرجوا وجعل ص وآله يلعنهم على رؤوس الاشهاد ليشهر نفاقهم على كافة الناس ويحذروا فسادهم ولكن عصوا وخالفوا أمر رسول الله ص وآله مع سماعهم اللعن العلني.
وهؤلاء المنافقون لم تصح عقيدتهم ولم تطمئن قلوبهم ، وكانوا قد خرجوا مع المسلمين في وقعة بدر ، فلما رأوا قلة المسلمين وكثرة المشركين قالوا هذه المقالة النكراء.