(غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ) وهؤلاء المنافقون ، لا يدركون حقيقة اسباب النصر وأسباب الهزيمة ، فهم لا يرون الا ظواهر الاشياء وهم عن قدرة الخالق العظيم غافلون وجاهلون (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) ، هذا ما تدركه القلوب المؤمنة وتطمئن اليه وهو محجوب عن القلوب الخالية من الايمان واليقين.
ان المنافقين والذين في قلوبهم مرضى يقفون ليتفرجوا ، والعصبة المؤمنة تصارع جحافل الطاغوت وقائدهم العظيم أسد الله الغالب علي بن أبي طالب (ع).
والعصبة المؤمنة دائما وأبدا ميزانها معونة الله وقوة الايمان وصلابة العقيدة ولا تستهين بقوتها مهما كانت الافراد قليلة لان الله عزوجل الذي لا يغلب معها وعونها :
(وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ).
وهذا ما جرى لأهل بدر من المشركين حينما كانوا يلاقون حتفهم بسيوف أهل الايمان الصحيح وقد شاركت الملائكة العصبة المؤمنة في قتال الكافرين وهم يضربون وجوههم وادبارهم.
ومع هذا الضرب من الملائكة فقد تهددهم بعذاب الحريق بعد هذا الموت الفظيع. وهذا النص بما يعرضه من مشهد (عَذابَ الْحَرِيقِ) يثير في النفس سؤالا : ترى هذا تهديد من الملائكة للذين كفروا بعذاب المستقبل المقرر لهم ـ كأنه واقع بهم ـ بعد الفتح المقرر لهم ، اذ أخذ الذين كفروا بالمهانة والعذاب سنة ماضية لا تتخلف ولا تتبدل فهذا هو المصير المحتوم الذي جرت به السنة من قديم الزمان :
(كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ (٥٢) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها