عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٥٣) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كانُوا ظالِمِينَ (٥٤))
البيان : ان الله سبحانه ، لا يكل الناس الى فلتات عابرة ، ولا الى جزاف لا ضابط له. انما هي سنة الله يمضي بها قدره ، ولقد آتاهم الله من نعمته ورزقهم من فضله. ومكن لهم في الارض وجعلهم خلائف فيها .. وهذا كله انما يعطيه الله للناس ابتلاء وامتحانا لينظر أيشكرون أم يكفرون ويجحدون نعمه. فاذا شكروا زادهم من فضله واذا طغوا وظلموا انتقم منهم وسلبهم ما أنعم به عليهم وحولها الى غيرهم (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ. وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ)
(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ).
ان الله تعالى يقرر عدله في معاملة عباده ، فاذا أنعم الله على عباده يستحيل أن يسلبهم ما أعطاهم الا اذا كفروا النعمة وطغوا بما أعطاهم واستعانوا به على معاصيه وعندئذ استحقوا الانتقام :
(وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)
(إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٥٥) الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ (٥٦)
فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (٥٧) وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ (٥٨) وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ (٥٩))
البيان : هذه الآيات كانت تواجه حالة قائمة بالفعل في حياة المسلمين عند نشأة الدولة بالمدينة ، وهي تمثل احدى قواعد العلاقات الخارجية بين المعسكرين للحق والباطل. ولفظ الدواب وان كان يشمل كل ما دب في الارض الا انه ورد هنا لتوبيخ ببعض هذا البشر بالبهائم العجماوية التي لا تملك مواهب الانسان وخواصه التي امتاز بها على