فهم اذن لا يحرمون ما حرم الله ورسوله ص وآله (سواء كان المقصود برسوله ، رسولهم أو رسولنا محمد ص وآله).
وهذه الصفات كلها كانت واقعة بالقياس الى نصارى الشام والروم ، كما أنها واقعة بالقياس الى غيرهم منذ أن حرفت المجامع المقدسة ، دين المسيح (ع). وقالت ببنوة عيسى (ع) وبتثليث الاقانيم ـ على كل ما بين المذاهب والفرق من خلاف يلتقي كله على التثليث على مدار التاريخ حتى الان.
اذن فهو أمر عام ، يقرر قاعدة مطلقة في التعامل مع أهل الكتاب الذين تنطبق عليهم هذه الصفات التي كانت قائمة في نصارى العرب ونصارى الروم ، ولا يمنع من هذا العموم ان الاوامر النبوية استثنت أفرادا ، وطوائف باعيانها لتترك بلا قتال كالاطفال والنساء والشيوخ والعجزة ، والرهبان الذين حبسوا أنفسهم في الاديرة ، بوصفهم غير محاربين.
فقد منع الاسلام ان يقاتل غير المقاتلين من أية ملة ـ وهؤلاء لم تستثنهم الاوامر النبوية ، لانهم لم يقع منهم اعتداء بالفعل على المسلمين. ولكن لانه ليس من شأنهم أصلا ان يقع منهم الاعتداء ، فلا محل لتقييد هذا الامر العام بان المقصود به هم الذين وقع منهم الاعتداء فعلا ـ كما يقول المهزومون الذين يحاولون ان يدفعوا عن الاسلام الاتهام ـ فالاعتداء قائم ابتداء من الاعتداء على الالوهية الخالقة ، والاعتداء على العباد بتعبيدهم لغير الله ، والاسلام حين ينطلق للدفاع عن ألوهية الله سبحانه ، والدفاع عن كرامة الانسان في الارض ، لا بد أن تواجهه الجاهلية بالمقاومة ، والحرب والعداء ، ولا مفر من مواجهة طبائع الاشياء.