المرضعات وبناتهن وإنما فيها توضيح وتوسيع ومن الواجب الأخذ بها بحيث يصح القول على ضوئها وضوء الجملة القرآنية أن الرضاعة المشبعة في سن الرضاعة هي التي تحرم النكاح وأن الرضاعة بهذا الوصف تحرم من الأنكحة ما يحرمه الرحم والولادة حيث تغدو المرضعة بمثابة أم الطفل أو الطفلة التي رضعت منها فتحرم هي على الطفل كما يحرم عليه بناتها وأخواتها وعماتها وخالاتها وبنات أبنائها وبنات بناتها ويحرم على الطفلة أبو المرضعة وأبناؤها وإخوتها وأعمامها وأخوالها ويحرم على الطفل من رضع معه منها من بنات غير بناتها ويحرم على الطفلة من رضع معها منها من صبيان غير صبيان مرضعتها مع التنبيه على أن هناك بعض اختلافات مذهبية لا يتحمل منهج التفسير بسطها.
ولقد روى الخمسة إلّا البخاري حديثا عن عائشة جاء فيه «كان فيما أنزل من القرآن : عشر رضعات معلومات يحرّمن ، ثم نسخن بخمس معلومات وتوفي رسول الله وهنّ فيما يقرأ من القرآن» (١) ، ونحن في حيرة من هذا الحديث. ففي عهد أبيها حرر مصحف رسمي ليكون الإمام والمرجع على ملأ من المسلمين ولا يعقل أن تسكت على عدم إثبات قرآن مات النبي صلىاللهعليهوسلم وهو قرآن في المصحف ولا يعقل أن ترد شهادتها في ذلك ونرجح أن في الأمر التباسا وقد ناقش رشيد رضا هذه المسألة وقال ما مفاده أن رواية الخمس عنها هي المعتمدة وبها يقول أهل الحديث ويرون أن العمل بها يجمع بين الأحاديث. ورواية القرآن كقرآن لا تثبت إلا بالتواتر وليس هناك تواتر يؤيد صحة ما روي في هذا عن عائشة رضي الله عنها.
وعلى كل حال فإن قصارى الأمر تقرير كون حرمة الرضاع منوطة بالرضاعة الكثيرة المشبعة لا بالمصة والمصتين وهو ما تضمنت الأحاديث الأخرى تقريره.
ولقد روى مالك قولا عن سعيد بن المسيب (٢) (إن كل ما كان في الحولين وإن كانت قطرة واحدة يحرّم) وعن ابن شهاب (إن الرضاعة قليلها وكثيرها إذا
__________________
(١) التاج ج ٢ ص ٢٦٥.
(٢) الموطأ ج ٢ ص ٦٨.