من قسم ، والجنّة من قسم ، وأقام القسم الرابع في مقام الخوف ما شاء الله ، ثمّ جعله أجزاءا : فخلق الملائكة من جزء ، والشمس من جزء ، والقمر (١) من جزء ، وأقام القسم الرابع في مقام الرجاء ما شاء الله ، ثمّ جعله أجزاءا : فخلق العقل من جزء ، والعلم والحلم من جزء ، والعصمة والتوفيق من جزء ، وأقام القسم الرابع في مقام الحياء ما شاء الله ، ثمّ نظر إليه بعين الهيبة ، فرشح ذلك النور وقطرت منه مائة ألف وأربعة وعشرون ألف قطرة ، فخلق الله من كلّ قطرة روح نبيّ ورسول ، ثمّ تنفّست أرواح الأنبياء فخلق الله من أنفاسها أرواح الأولياء والشهداء والصالحين». (٢)
أقول : والأخبار في هذه المعاني كثيرة متظافرة ، إذا أجلت فيها التأمّل والإمعان وجدتها شواهد على ما قدّمناه ، وسيجيء بعض الكلام في بعضها.
وإيّاك أن ترمي هذه الأحاديث الشريفة ـ الواردة عن معادن العلم ومنابع الحكمة ـ بأنّها من اختلاقات الغلاة وأوهام المتصوّفة ، فللخلقة أسرار ، وهو ذا العلماء من طبقات الإنسان ، لم يزالوا يبحثون عن أسرار الطبيعة منذ انتشر البشر ؛ وكلّما لاح لهم معلوم واحد بان لهم مجاهيل كثيرة ، وهي ـ عالم الطبيعة ـ أضيق العوالم ، فما ظنّك بما وراءها من عوالم السعة؟!
*
__________________
(١). في المصدر : + «والكواكب»
(٢). بحار الأنوار ٢٥ : ٢١ ـ ٢٢ ، الحديث : ٢٧.