الأعراف : (وَيا آدَمُ) ، (١) المشعر بكونه مرتبطا بمعصية إبليس ودعواه إغواء البشر.
فهو عليهالسلام وزوجته ـ وإن كانا قد سوّاهما الله سبحانه تسوية أرضيّة بشريّة ثمّ أدخلهما الجنّة ـ لم يتمّ في الدنيا إدراكهما لسوآتهما ولا لغيرها من لوازم الحياة الدنيا واحتياجاتها حتى أدخلهما الله الجنّة ، وأنّه إنّما أدخلهما الجنّة بعد التسوية ونفخ الروح وإسجاد الملائكة ، ولمّا ينفصل وينقطع إدراكهما عن عالم الروح والملائكة.
وشاهد ذلك : قوله سبحانه في سورة الأعراف : (لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما)، (٢) ولم يقل : «ما كان قد ووري عنهما» ، وذلك مشعر بأنّ المواراة ما كانت ممكنة في الحياة الدنيا استدامة ، وإنّما تمشّت بإسكان الجنّة ، فظهور السّوأة كان محتوما مقضيّا في الحياة الأرضيّة ، وكذلك مع أكل الشجرة ، ولذلك قال تعالى : (فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى) ، (٣) وقال : (فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ)، وهو سبحانه قد غفر خطيئتهما بعد ما تابا ، ولم يعدهما إلى الجنّة ، بل قضى بحياتهما في الدنيا.
ومن هنا يظهر أنّ هذا النهي منه سبحانه كان نهي إرشاد من غير تكليف ، فإنّ جزاء المخالفة للنهي التكليفي يتبدّل بالتوبة إذا قبلت ، ولم يتبدّل هاهنا.
وليس من البعيد أن يستشعر من المقام أنّ صيرورتهما ظالمين ، كونهما ظالمين لأنفسهما في اختيار ترك الجنّة : فإنّه سبحانه بدّل الظلم في سورة طه بقوله : (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى * وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى) ، (٤) فافهم.
__________________
(١). الأعراف (٧) : ١٩.
(٢). الأعراف (٧) : ٢٠.
(٣). طه (٢٠) : ١١٧.
(٤). طه (٢٠) : ١١٨ ـ ١١٩.