وبالجملة : كان لازم الأكل ظهور السوأة والهبوط إلى الدنيا ، لزوما غير قابل التدارك حتما مقضيّا ، وذلك بنقض العهد الذي عهده إليهما ؛ إذ قال : (فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ) (١) ، وقال تعالى : (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ).
وليس هذا العهد هو الذي يشير إليه بقوله : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) (٢) ؛ فإنّها تدلّ على نسيان العهد ، مع أنّ ما في سورة الأعراف يدلّ على أنّه كان حين الاقتراف على ذكر من النهي ؛ إذ يقول : (وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ) (٣)
بل العهد إمّا بمعنى الوصيّة ، (٤) فيكون هو قوله : (فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى) ، (٥) لكنّه لا يلائم السياق ؛ إذ المقصود بالبيان في جميع هذه السورة ـ وهي سورة طه ـ هو ما سهّل الله تعالى لأنبيائه وعباده في تربيتهم وهدايتهم ، وقد تعرّض تعالى في هذه الآيات لما منحه من التسهيل في حقّ آدم ـ عليهالسلام ـ ولذلك ترى أنّه سبحانه خصّ آدم بالذكر حتى الإمكان ، مع اشتراك زوجته معه فيها ، فقال : (فَتَشْقى ،) (٦) وقال : (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ) ، (٧) وقال : (يا آدَمُ) ، (٨) وغير ذلك ؛ وهذه الوصيّة إنّما هي لكليهما لا لآدم ـ عليهالسلام ـ وحده ، والعهد المذكور في قوله :
__________________
(١). طه (٢٠) : ١١٧.
(٢). طه (٢٠) : ١١٥.
(٣). الأعراف (٧) : ٢٠.
(٤). ليس له عدل ظاهر في العبارة.
(٥). طه (٢٠) : ١١٧.
(٦). طه (٢٠) : ١١٧.
(٧). طه (٢٠) : ١٢٠.
(٨). طه (٢٠) : ١١٧.