(فَنَسِيَ) ، (١) مخصوص به عليهالسلام ، فهو غير الوصيّة المذكورة.
على أنّ مرجع هذه الوصيّة إلى الميثاق بالربوبيّة والعبوديّة كما يشعر به قوله (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ* وَأَنِ اعْبُدُونِي). (٢)
على أنّ ذيل الآيات في سورة طه ـ وهو قوله : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى) ، (٣) وهو كالنتيجة للتسهيل الذي لآدم مع نسيانه العهد ـ لا يناسب هذه الوصيّة ، بل يناسب العهد بمعنى الميثاق كما هو ظاهر.
وبالجملة : فالعهد المذكور هو الميثاق الذي أخذه سبحانه من أنبيائه ورسله ، فنسيه بعض ، وعزم وثبت عليه بعض ، وهم اولو العزم من الرسل وسيجيء شرحه ـ إن شاء الله ـ في آيات الميثاق ، هذا.
ومع ذلك فسياق الآيات في سورة طه يعطي أنّ اقتراف الخطيئة منه عليهالسلام كان لنسيان العهد ؛ أعني أنّ لهذا النسيان دخلا في تلك الخطيئة ، ومع ذلك ـ أيضا ـ فمقتضى دلالة السياق في جميع الموارد الثلاثة أنّ المعصية كانت لغرور منه عليهالسلام من ناحية الوسوسة ، فكان هناك أمران ، لكلّ منهما دخل في تحقّق الخطيئة : نسيان عهد عهده تعالى ، وغرور بالوسوسة : أمّا نسيان العهد فهو ما عهده لعباده وغلّظه في أنبيائه أن لا ينظروا إلى أنفسهم ، ولا يكلوا إليها إلّا أنّها ملك لمالكها ، مربوبة لربّها ، كما سيجيء بيانه ، وأمّا الغرور فهو ما يظهر من
__________________
(١). طه (٢٠) : ١١٥.
(٢). يس (٣٦) : ٦٠ ـ ٦١.
(٣). طه (٢٠) : ١٢٤.