وحشا ذائب محترق ، وصدر ضيّق حرج ، كأنّما يصعّد في السماء ، كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون.
إذا عرفت هذا علمت أنّ مرجع الأمرين ـ أعني نسيان الميثاق ، وشقاء الحياة الدنيا ـ واحد ، وأنّ الشقاء الدنيوي من فروع نسيان الميثاق.
وهذا هو الذي يشعر به قوله سبحانه ، حيث أتى بالتكليف الجامع لأهل الدنيا في سورة طه ؛ إذ قال : (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) ، (١) وبدّلها في هذه السورة بقوله تعالى : (فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ). (٢)
ومن هاهنا تحدس ـ إن كنت ذا فطانة ـ أنّ الشجرة كانت شجرة في اقترابها تعب الحياة الدنيا وشقاؤها ، وهو أن يعيش الإنسان في الدنيا وهو يجد الأشياء مستقلّة الذوات ، وأنّ آدم ـ عليهالسلام ـ كأنّه أراد أن يجمع بينه وبين الميثاق المأخوذ عليه ، فلم يتمكّن فنسي الميثاق ووقع في تعب الحياة الدنيا ، وسيجيء أنّ هذا ممّا اختصّ الله به نبيّه محمّدا ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ من الكرامة في قوله : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) ، (٣) فانتظر.
__________________
(١). طه (٢٠) : ١٢٢ ـ ١٢٣.
(٢). البقرة (٢) : ٣٨.
(٣). الإسراء (١٧) : ٧٩.