وقد أبهم سبحانه هذه الكلمات حيث نكّرها ، وأمّا الكلمات التي حكاها سبحانه عنهما في سورة الأعراف بقوله : (قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) (١) فليس فيها سؤال التوبة والمغفرة ، وإنّما هو تذلّل بالاعتراف بالظلم وميل وانعطاف إلى المغفرة والرحمة ، وإنّما لم يتعرّضا لسؤال التوبة إشعارا بغاية تذلّلهما وخضوعهما ، على ما هو الدأب في أدب المستغفرين من الذنوب بين الناس فتراهم يذكرون ذنب العاصي ثمّ مغفرة المعصيّ له ، ثمّ يسكتون ؛ تلويحا بأنّ الأمر إليه كيف شاء.
وفي لفظ التلقّي ـ وهو الأخذ ـ معنى الاستقبال ، ففي معناه علم سابق ، كما يعطيه الإستقبال ، وقد كان عليهالسلام «علّم الأسماء كلّها عقيب قول الملائكة لربّهم : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) ، (٢) فهذا العلم كان من شأنه إزاحة كلّ ظلم ومعصية بالضرورة ؛ وإلّا لم يتمّ جواب الملائكة ، وقد عرفت ما هي حقيقة هذه الأسماء ، وأنّها وسائط الفيض لما دونها ، ولا يتمّ كمال مستكمل إلّا ببركاتها.
وقد ورد في الخبر أنّه عليهالسلام رأى أشباح أهل البيت وأنوارهم حين علّم الأسماء ، (٣) وورد أنّه عليهالسلام رآها حين أخرج الله ذرّيّته من ظهره ، (٤)
__________________
(١). الأعراف (٧) : ٢٣.
(٢). البقرة (٢) : ٣٠.
(٣). اليقين : ١٧٤ ؛ المسائل السرورية : ٣٧ ؛ القصص للراوندي : ٤٢ و ٤٤ ؛ علل الشرائع ١ : ٢٠٨ ـ ٢٠٩ ، الحديث : ١١ ؛ تفسير الفرات : ٥٥٢ ، الحديث : ٧٠٧ ؛ تفسير الإمام العسكري ـ عليهالسلام ـ : ٢١٩ ، الحديث : ١٠٢.
(٤). الكافي ٢ : ٨ ، الحديث : ٢ ؛ المناقب ٢ : ٢٤٨ ؛ علل الشرائع ١ : ١٨ ، الحديث : ٢ ؛ علل الشرائع ١ : ١٠ ، ٤ ؛ سعد السعود : ٣٥.