في موارد يصحّ أن يتّصف الفعل بالزيادة والنقيصة ، وأمّا نحو الأوصاف التي يراد بالابتلاء الاستعلام ، أو إظهار وجودها وعدمها ـ ونحو الامتحانات العمليّة ، مثل المرض والفقر والقتل ونحوها ، المرتبطة بالمبتلي والمبتلى معا ـ فلا يتمّ إلّا إذا وقع هناك قدر زائد على نفس الابتلاء يتمّها المبتلى بصيغة المفعول ، غير مربوط بالابتلاء ، أو قدر زائد على الوصف يتّمها المبتلى بصيغة المفعول ، زيادة على ما اريد منه ، كمن يبتلى ليعلم هل يقوى على حمل منّ فبدا قويّا على حمل عشرة.
ومن هنا يظهر : أنّ الكلمات المذكورة امور خارجيّة ، لها ارتباط بإبراهيم ـ عليهالسلام ـ نحوا من ارتباط الوصف بموصوفه ، وأنّ المبتلى به والمبتلى لأجله هاهنا شيء واحد.
هذا إذا كان ضمير (فَأَتَمَّهُنَ) راجعا إلى إبراهيم ـ عليهالسلام ـ وأمّا إذا كان راجعا إليه سبحانه فالإتمام بمعنى الإيجاد.
توضيح ذلك : أنّ الكلمة ـ كما عرفت ـ ربّما استعملت في الامور العينيّة من غير نوع اللفظ ، وهو استعمال شائع في الإرادة البتّية ، تقول : «لأفعلنّ كذا وكذا» ، لقول قلته وكلمة قدّمتها ، ولم تقل قولا ولا قدّمت كلمة ، وإنّما عزمت عزيمة لا ترجع عنها ، وأبرمت إبراما لا تنقضه بشفاعة شفيع أو وهن إرادة البتة.
على أنّ الكلمة حيثما ما نسبت إليه سبحانه في القرآن اريد بها غير اللفظ ؛ كقوله سبحانه : (وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ) ، (١) وقوله : (لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ) ، (٢) وقوله : (وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ) ، (٣) وقوله : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ
__________________
(١). الأنعام (٦) : ٣٤.
(٢). يونس (١٠) : ٦٤.
(٣). الشورى (٤٢) : ٢٤.