فقال إبراهيم لمّا فرغ من بناء البيت : (رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ). (١) قال ـ عليهالسلام ـ : من ثمرات القلوب أي حبّبهم إلى الناس ليستأنسوا بهم ، (٢) ويعودوا إليهم». (٣)
وفي الكافي عن أحدهما ـ عليهماالسلام ـ قال : «إنّ الله ـ عزوجل ـ أمر إبراهيم ببناء الكعبة ، وأن يرفع قواعدها ، ويري الناس مناسكهم ، فبنى إبراهيم وإسماعيل البيت كلّ يوم سافا ؛ حتى انتهى إلى موضع الحجر الأسود ، قال أبو جعفر ـ عليهالسلام ـ : فنادى أبو قبيس : إنّ لك عندي وديعة ، فأعطاه الحجر ، فوضعه موضعه ...» (٤) الحديث.
أقول : وقريب من هذه المعاني مرويّ عن طرق العامّة (٥) أيضا.
قوله ـ عليهالسلام ـ في الحديث الأوّل : «فالتفت إبراهيم ، فقال : (رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ ...)» إلى آخره ، لا ينافي ما استظهرنا من دعائه المحكي في سورة إبراهيم : أنّ ذلك صادر واقع بعد ذلك الزمان بكثير ؛ لاحتمال الورود مرّتين.
قوله ـ عليهالسلام ـ : «في البقعة التي أنزلت على آدم القبّة ...» إلى آخره ، الأخبار في نزول البيت لآدم وحجّه وتقرّبه بزيارته كثيرة مستفيضة ، وإن لم تبلغ حدّ التواتر ، ولا برهان على استحالة ذلك ، على أنّه سبحانه خصّ أنبياءه بكثير من هذه الكرامات الخارقة ، والقرآن يثبت موارد كثيرة منها ، ورواها
__________________
(١). البقرة (٢) : ١٢٦.
(٢). في المصدر : «لينتابوا إليهم»
(٣). تفسير القمي ١ : ٦٠ ـ ٦٢.
(٤). الكافي ٤ : ٢٠٥ الحديث : ٢ ؛ من لا يحضره الفقيه ٢ : ٢٣٢ ، الحديث : ٢ : ٢٢٨ (اختصارا) ؛ وسائل الشيعة ١٣ : ٢١٢ ، الحديث : ١٧٥٣٨.
(٥). تاريخ ابن خلدون ، المقدمة ، ٢ : ٣٣١ ـ ٣٣٢ ؛ الحد الفاصل : ٣٩٦.