ولم يقل : ودخل ، وقوله : (وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ) (١) وأنّه سبحانه قصر في كلامه الأجر والشكر على العمل والسعي ، قضيت بأنّ الصلاح الذاتي كرامة ليست بحذاء العمل والإرادة ، ويتبيّن حينئذ معنى قوله تعالى : (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ) (٢) وهو ما بالعمل ، (وَلَدَيْنا مَزِيدٌ) (٣) وهو أمر غير ما بالعمل ، وليس من شأنه أن يتعلّق به المشيئة ، فهو أمر غير محدود ، إذ كلّ خير محدود يتعلّق به المشيئة ، فافهم.
وفي تفسير القمّي في قوله تعالى : (وَلَدَيْنا مَزِيدٌ) (٤) قال ـ عليهالسلام ـ : «النظر إلى رحمة الله». (٥)
وفي المجمع عن النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ يقول الله : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ، ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ...» (٦) الحديث.
ثمّ إنّك إذا تأمّلت حال إبراهيم ـ عليهالسلام ـ وأنّه نبيّ مرسل ، وأحد اولي العزم وأشرفهم وسيّدهم وأشرف الأنبياء جميعا بعد محمد ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ، على ما يعطيه القرآن ، وأنّه مقتدى من بعده من الأنبياء والمرسلين ، وأنّه من الصالحين بنصّ قوله : (وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ) (٧) الظاهر في الصلاح
__________________
(١). الانبياء (٢١) : ٧٢.
(٢). الشورى (٤٢) : ٢٢ ؛ الزمر (٣٩) : ٣٤.
(٣). ق (٥٠) : ٣٥.
(٤). ق (٥٠) : ٣٥.
(٥). تفسير القمي ٢ : ٣٢٧.
(٦). بحار الانوار ٨ : ٩٢ ؛ مجمع البيان ٨ : ١٠٨.
(٧). الانبياء (٢١) : ٧٢.