فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ). (١)
وليس المراد به الصلاح لمطلق الرحمة الإلهيّة العامّة لكلّ شيء ، ولا المختصّة بالمؤمنين فحسب على ما يفيده قوله : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) (٢) إذ الصالحون طائفة خاصّة من المؤمنين ، ومن الرحمة ما يختصّ بالبعض دون البعض ، قال تعالى : (وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ). (٣)
وليس أيضا مطلق كرامة الولاية ، وهي تولّيه سبحانه امر عبده ، فإنّ الصالحين وإن شرّفوا بذلك على ما بيّنا في ذيل قوله : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) (٤) من سورة الفاتحة ، فإنّ هذه صفة مشتركة بينهم وبين النبيّين والصدّيقين والشهداء كما مرّ بيانه ، فلا يستقيم إذا عدّهم طائفة في قبالهم.
وليس الصلاح أيضا إيتاء الحكم والعلم والاصطفاء ، على ما هو ظاهر من الآيات المشتملة عليه.
نعم ، يبقى له من الأثر الخاصّ : الإدخال في الرحمة وهو الأمن التامّ من العذاب ، كما ورد المعنيان معا في الجنّة : قال سبحانه : (فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ) (٥) أي في الجنّة ، وقال : [(يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنِينَ)] (٦) أيّ في الجنّة.
وأنت إذا تدبّرت معنى الصلاح وهو اللياقة ، وقوله : (وَأَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا)،
__________________
(١). الانبياء (٢١) : ٧٥.
(٢). الأعراف (٧) : ١٥٦.
(٣). البقرة (٢) : ١٠٥.
(٤). الفاتحة (١) : ٦.
(٥). الجاثية (٤٥) : ٣٠.
(٦). الدخان (٤٤) : ٥٥.