الأنبياء بالبيّنة على أنّهم قد بلّغوا ـ وهو أعلم ـ فيؤتى بأمّة محمّد فيشهدون ، فتقول الامم : من أين عرفتم؟ فيقولون : عرفنا ذلك بإخبار الله تعالى في كتابه الناطق على لسان نبيّه الصادق ، فيؤتى بمحمّد ويسأل عن حال امّته ، فيزكّيهم ويشهد بعد التهم ، وذلك قوله تعالى : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) (١). (٢)
أقول : وما يشتمل عليه هذا الخبر ـ من تزكية رسول الله وتعديله للامّة ـ لعلّه يراد به بعض الامّة ، على ما فيه من التعديل للشهادة النظريّة ، وإلّا فهو مدفوع بالضرورة الثابتة من الكتاب والسنّة ، وكيف يصحّح أو يصوّب هذه الفجائع التي لا تكاد توجد أمثالها بين امّة من الامم الماضية؟! وكيف يعدّل ويزكّي فراعنة هذه الامّة ونماردتها وطواغيتها؟! فهل هو إلّا طعن في الدين ، ولعب بحقائق هذه الملّة البيضاء.
وفي هذا المعنى ما في المناقب عن الباقر ـ عليهالسلام ـ قال : «ولا يكون شهداء على الناس إلّا الأئمّة والرسل ، وأمّا الامّة فغير (٣) جائز أن يستشهدها الله وفيهم من لا تجوز شهادته على حزمة بقل». (٤)
وما روى العيّاشي عن الصادق ـ عليهالسلام ـ في الآية : فإن ظننت أنّ الله عنى بهذه الآية جميع أهل القبلة من الموحّدين ، أفترى أنّ من لا تجوّز شهادته في الدنيا على صاع من تمر ، يطلب الله شهادته يوم القيامة ويقبلها منه بحضرة
__________________
(١). النساء (٤) : ٤١.
(٢). راجع : الميزان في تفسير القرآن ١ : ٣٣١.
(٣). في المصدر : «فانه غير»
(٤). المناقب ٤ : ١٧٩.