(وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ)»؟!. (١)
أقول : مقتضى الحديث أن يكون قوله : (كُنْتَ عَلَيْها) وصفا للقبلة ، والمراد بيت المقدس ، وأنّها كانت قبلة مجعولة قبل الكعبة ، وهو الذي يؤيّده سياق الآيات ، فانّ التصريح بنسخ القبلة وجعلها الكعبة يتكفّلهما الآية اللاحقة : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) (٢) وهو ظاهر.
ومن هنا يتأيّد ما ورد في بعض الأخبار عن العسكرى ـ عليهالسلام ـ : «إنّ هوى أهل مكّة كان في الكعبة ، فأراد الله أن يبيّن متّبع محمد ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ من مخالفه ؛ باتّباع القبلة التي كرهها ومحمّد ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ يأمر بها ، ولمّا كان هوى أهل المدينة في بيت المقدس أمرهم بمخالفتها والتوجّه إلى الكعبة ، ليبيّن من يتّبع (٣) محمّدا ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فيما يكرهه فهو مصدقه وموافقه ...» ، (٤) الحديث.
وبه يتّضح فساد ما قيل : إنّ قوله : (الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها) مفعول ثان ل : (جَعَلْنَا) والمراد : وما جعلنا القبلة الكعبة التي كنت عليها قبل بيت المقدس ، واستدلّ عليه بقوله : (إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ) ووجه الفساد ظاهر.
وروى العيّاشي عن الزبيري عن أبى عبد الله ـ عليهالسلام ـ ، قال : «قلت له :
__________________
(١). تهذيب الأحكام ٢ : ٤٣ ، الحديث : ٦.
(٢). البقرة (٢) : ١٤٤.
(٣). في المصدر : «يوافق»
(٤). تفسير الإمام العسكرى : ٤٩٥ ؛ الاحتجاج ١ : ٤٢.