وروى العيّاشي عن أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ في حديث يصف فيه يوم القيامة ، قال ـ عليهالسلام ـ : «يجتمعون في موطن يستنطق فيه جميع الخلق ، فلا يتكلّم أحد إلّا من أذن له الرحمن وقال صوابا ، فيقام [الرسول] فيسأل ، فذلك قوله لمحمّد ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) (١) وهو ـ صلىاللهعليهوآله ـ الشهيد على الشهداء ، والشهداء هم الرسل». (٢)
واعلم : أنّ الشهادة على الأعمال ـ على ما يفيده كلامه تعالى ـ لا تختصّ بالشهداء من الناس ، بل كلّ ما له تعلّق ما بالعمل في هذه الدنيا ـ من ملك وزمان ومكان ودين وكتاب وجوارح وحواسّ وقلب ، فله فيه الشهادة.
ويستفاد من الجميع : أنّ الذي يحضر منها يوم القيامة هو الذي في هذه النشأة الدنيويّة ، وأنّ لها نحوا من الحياة الشاعرة ، بها تتحمّل خصوصيّات الأعمال وترتسم هي فيها ، وهي بواطنها ، وليس من اللازم أن تكون نسبة الحياة إلى الحيّ في كلّ شيء هي النسبة التي بين حياة نوع الحيوان وجسده ؛ حتّى يدفع بالضرورة ، فلا دليل على انحصار أنحاء الحياة في نحو واحد ، وهو ظاهر. وأمّا تفصيل القول في كلّ واحد واحد منها فمؤكول إلى محلّه.
قوله سبحانه : (وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها ...)
روي في التهذيب عن أبي بصير عن أحدهما ـ عليهماالسلام ـ ، قال : «فقلت له : أمره أن يصلّي إلى بيت المقدس؟ قال : نعم ، ألا ترى أنّ الله تبارك وتعالى يقول :
__________________
(١). النساء (٤) : ٤١.
(٢). تفسير العيّاشي ١ : ٢٤٢ ، الحديث : ١٣٢.