فإن قلت : قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ) (١) يدلّ على كون عامّة المؤمنين من الشهداء.
قلت : قوله : (عِنْدَ رَبِّهِمْ) يدلّ على الإلحاق وأنّه سيلحقهم بهم يوم القيامة ، ولم ينالوه في الدنيا ، وسيجيء نظير ذلك إن شاء الله في قوله تعالى : (لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ) (٢) وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ). (٣)
على أنّ الكلام يوم القيامة غير مأذون فيه إلّا لآحاد من الناس يرضى الله لهم ذلك ، قال تعالى : (لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً) (٤) وسيجيء الكلام فيه أيضا.
فقد تحصّل من جميع ما مرّ : أنّ الشّهادة غير مبذولة لجميع الأمّة.
وروى الصفّار عن الباقر ـ عليهالسلام ـ قال : «نحن الامّة الوسط ، ونحن شهداء الله على خلقه». (٥)
أقول : والأخبار بهذا اللسان كثيرة ، رواها الكليني والعيّاشي والقمّي والصفّار وغيرهم من رواة الخاصّة. (٦)
__________________
(١). الحديد (٥٧) : ١٩.
(٢). الأنفال (٨) : ٣٧.
(٣). الطور (٥٣) : ٢١.
(٤). النبأ (٧٨) : ٣٨.
(٥). بصائر الدرجات : ٨٢ ، الحديث : ٣.
(٦). الكافي ١ : ١٩١ ، الحديث : ٤ ؛ تفسير العيّاشي ١ : ٦٢ ، الحديث : ١١٠ ؛ تفسير القمي ١ : ٦٢ ؛ بصائر الدرجات : ٦٣ ، الحديث : ١١.