يُسْتَعْتَبُونَ) (١) وقال : (وَوُضِعَ الْكِتابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ). (٢)
وظاهر الجميع ـ على إطلاقها ـ هو الشهادة على الأعمال وعلى تبليغ الرّسل أيضا ، كما يعطيه قوله تعالى : (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) (٣) والشهادة وإن كانت في الآخرة لكنّ تحمّلها في الدنيا ، على ما يعطيه قوله حكاية عن عيسى ـ عليهالسلام ـ : (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ) (٤) وقال : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً). (٥)
ومن الواضح أنّ الإحساس الموجود العادي فينا لا يتحمّل إلّا الصورة فقط ، وذلك من شيء موجود حاضر عند الحسّ ، وأمّا حقائق الأعمال والمعاني النفسانيّة من الكفر والإيمان والفوز والخسران ـ وبالجملة : كلّ خفيّ عن الظاهر ومستبطن عند الإنسان ، وهي التي كسبت القلوب ، وعليها يدور حساب ربّ العالمين يوم تبلى السرائر ، كما قال : (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) (٦) ـ فهي ممّا ليس في وسع الإنسان الإحاطة بها وإحصاؤها وتشخيصها من الحاضرين فضلا عن الغائبين ، إلّا رجل يتولّى الله أمره من أوليائه ، ويكشف له ذلك بيده ، وأنّى لهؤلاء الأجلاف الجافية والفراعنة الطاغية من الامّة ذلك؟! وقد عرفت في سورة الفاتحة أنّ أقلّ وصف يتّصف به الشهداء أنّهم تحت ولاية الله ونعمته وأصحاب الصراط المستقيم ، فارجع.
__________________
(١). النحل (١٦) : ٨٤.
(٢). الزمر (٣٩) : ٦٩.
(٣). الأعراف (٧) : ٦.
(٤). المائدة (٥) : ١١٧.
(٥). النساء (٤) : ١٥٩.
(٦). البقرة (٢) : ٢٢٥.