تعليل لما أمر به من الملازمة على استقبال الكعبة في جميع الأحوال في الفرائض ، لئلّا يقول الناس : لو كانوا على الحقّ وكان حكم الاستقبال من الله ما تركوه في حال.
وهذه وإن لم تكن حجّة قاطعة ـ إذ مخالفة المأمور لا توجب بطلان الأمر ـ إلّا أنّها مسوقة سياق الحجّة ؛ ولذلك استثنى منهم الذين ظلموا ، القائلين : إنّ ذلك هوى من النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ، ومن تبعه وتهوّس ، فلا يعبأ بقولهم عن هوى أنفسهم.
وما في تفسير القمّي : انّه يعني «ولا الذين ظلموا» ، و «إلّا» في موضع «ولا» ، [و] ليست هي استثناء ، انتهى (١) ؛ فهو معنى غير معهود في اللغة.
قوله سبحانه : (وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ)
تعليل بعد تعليل لأمرهم بالملازمة على الإستقبال والمداومة ، وأنّ ملازمتهم عليه واستقامتهم فيه ـ كما امروا ـ موجب لإتمامه تعالى نعمته عليهم : من حيث إبقاؤها وإدامتها عليهم ماداموا من غير أن يفقدوها ، ومن حيث إيفاؤها ، وإنزال ما بقي منها بعد إليهم.
قال تعالى : (بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ) (٢) وقال : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ* نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) (٣) وقال : (أَلا إِنَّ
__________________
(١). تفسير القمي ١ : ٦٢.
(٢). الحجرات (٤٩) : ١٧.
(٣). فصّلت (٤١) : ٣١ ـ ٣٠.