أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ). (١)
ومن هنا تعرف أنّ النعمة هي الولاية. لكن لا يذهب عليك أنّ إتمام النعمة من الله تعالى لا يوجب تمام تنعّم العبد ؛ ولذلك أمرهم في الآية التالية بالشكر ، ونهاهم عن الكفران.
وقد تكثّر في الأخبار ذكر النعمة وتفسيرها بالولاية ، فيؤول المعنى من هذه الجهة ـ والله العالم ـ إلى أنّكم لو استقمتم على ما تؤمرون انقطع احتجاج الناس عنكم ، وأتممت عليكم الدّين بإنزال جميع أحكامه ، وإنزال حكم الولاية التي هي بمنزلة الروح فيها.
وفي الحديث عن طرق العامّة : «تمام النعمة دخول الجنّة» (٢) وأيضا بطرقهم عن علي ـ عليهالسلام ـ : تمام النعمة ، الموت على الإسلام. (٣)
أقول : ومرجعهما إلى الجهة الاولى من المعنى الذي ذكرنا.
قوله سبحانه : (وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)
تعليل ثالث بعد التعليلين.
وحيث كان الخطاب للمؤمنين ـ وقد تشرّفوا بالاهتداء إلى الإيمان ، وقد قال بعد الآية : (كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ ...) الآية ـ فهذه الهداية غير الهداية السابقة ، وقد ذكر قبلها إتمام النعمة في سياق التفريع والترتّب ، فهي بعده أيضا ، ثم صدّرها
__________________
(١). يونس (١٠) : ٦٢.
(٢). سنن الترمذي ٥ : ٢٠٢ ، الحديث : ٣٥٩٥ ؛ الأدب المفرد : ١٥٦ ، الحديث : ٧٢٥ ؛ كنز العمّال ٢ : ٣٤ ، الحديث : ٣٠٢٣.
(٣). راجع : الميزان في تفسير القرآن ١ : ٣٣٥ ؛ تفسير الأصفى ١ : ٧٣.